مقاله ی دکتر حمیدشهریاری دبیرکل مجمع جهانی تقریب مذاهب اسلامی در بیست و ششمین کنفرانس مجمع فقه اسلامی - قطر 2025 م

مقاله ی دکتر حمیدشهریاری دبیرکل مجمع جهانی تقریب مذاهب اسلامی در بیست و ششمین کنفرانس مجمع فقه اسلامی - قطر 2025 م

تاریخ انتشار :۱۴۰۴/۰۲/۱۷
مقاله ی دکتر حمیدشهریاری دبیرکل مجمع جهانی تقریب مذاهب اسلامی در بیست و ششمین کنفرانس مجمع فقه اسلامی - قطر 2025 م

 

باسمه تعالی

 

 

اثر الأمراض النفسية علی الأهلیة في الشریعة

 

حمید شهریاری

أستاذ مشارك في قسم الفقه والقانون

معهد البحث والتطوير للعلوم الإنسانية-سمت-

 

[email protected]

+989021124204

 
  1. تمهید: في المفاهیم الرئیسیة 

ا- تعریف المرض النفسي وانواعه:

و المعروف ان الأمراض النفسية یشتمل علی مجموعة واسعة من الحالات التي تؤثر علی المزاج والتفکیر والسلوک وسنذکر اهمها وتعریفها بعد ذلک.

ب- تعریف الأهلیة وانواعها:

1- تعریف الأهلیة في فقه الإمامیة

و مما یمکن أن یقال حول تعریف الأهلیة، إن الفقهاء لم یصرحوا بالبحث عن عنوان الأهلیة إلّا في ضمن عناوین اخری، وأما الحجر الذي یضادها فقد صرحوا به وأفردوا له فصلا مستقلا في الفقه. والحجر معناه منع الإنسان من الإستیلاء علی ممتلکاته وحقوقه المالیة. فالمحجور هو الشخص الذي لا یستحق ولا یصح التصرف علی ممتلکاته وحقوقه المالیة. 

وأسباب الحجر في الفقه کثیرة، والتی یرتبط بالبحث عنها هنا ثلاثة: الجنون والسفاهة والعته المرتبط بالأمراض النفسية. ونحن نبحث عن هذه الأمراض النفسية تبعاً للفقهاء.

وقد ذکر الشیخ الطوسی (م. 460) في معنی الحجر ما یلی:

الحجر هو المنع والحظر والتضییق بدلالة قوله تعالی «حِجْراً مَحْجُوراً» (الفرقان:22) أی حراما محرّما ومنه «هَلْ في ذٰلِک قَسَمٌ لِذِی حِجْرٍ» (الفجر:5) أي لذي عقل، وسمی العقل حجرا لأنه یمنع من فعل ما لا یجوز فعله، ... فإذا ثبت هذا، فالمحجور علیه إنما سمی بذلک لأنه یمنع مالُه من التصرف فیه... المحجور علیه بحق نفسه فهو الصبي والمجنون والسفیه[1]

ثم ذکر الشیخ الطوسی حکم الحاکم في السفیه وحدود تنفیذه[2]

و من الموارد التي اشار الفقهاء الی عنوان «الأهلیة» في ما یرتبط بأحکام المجنون والسفیه والمعتوه ما یلی (بعد حذف ما في مسائل الإماء والعبید):

  1. ...(الثالث) في المقرّ له: ویشترط فیه أهلیة التملّک[3].
  2. الأمر الثاني في الملتقط-و هو من له أهلیة الإکتساب أو الإحتفاظ- فلو التقط الصبي جاز ویتولی الوليّ التعریف عنه- وکذا المجنون[4]

...(الثاني) الملتقط: من له أهلیة الإکتساب، فلو التقط الصبي أو المجنون جاز، ویتولّی الوليّ التعریف[5].

  1. و لو وکله أجنبی في بیع أو هبة جاز لأن السفه لم یسلبه أهلیة التصرف ولو أذن له الوليّ في النکاح جاز ولو باع فأجاز الوليّ فالوجه الجواز للأمن من الإنخداع[6].
  2. ... السادسة لا تدفع الکفارة إلی الطفل‌لأنه لا أهلیة له وتدفع إلی ولیه[7].
  3. و یعتبر في الجاعل أهلیة الإستئجار[8].
  4. ... الثالثة إذا ادعی من له أهلیة التحمل (ای تحمل الشهادة) وجب علیه[9]
  5. ... وقیل لا یکون قصاصا لأن المجنون لیس له أهلیة الإستیفاء وهو أشبه ویکون قصاص المجنون باقیا علی الجاني ودیة جنایة المجنون علی عاقلته[10]
  6. الثاني: «شرائط القضاء (ای قضاء الصوم)» وهی ثلاثة «البلوغ وکمال العقل والإسلام»...المسئلة الثانية: «المجنون» لا یقضی ما فاته لقوله «رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتی یبلغ وعن المجنون حتی یفیق» وبه قال الشافعی، وقال أبو حنیفة:یقضی لأنه مریض فیتناوله وجوب القضاء. وقلنا: زوال العقل یسقط علة توجه الخطاب، فلا یتناوله الأمر بالقضاء کالصبي بل هو أولی، لأن الصبي قد یکون له أهلیة الفهم، والتقیید بالأوامر الشرعیة، ولیس کالجنون[11]
  7. الرکن الثاني: في الموصي ‌ویشترط فیه أهلیة التصرف[12]

و یکفي هذا في الإشارة الی انّ الفقهاء لم یستقلوا البحث عن الأهلیة ولکن بحثوا عنها في ضمن مسائل.

2- تعریف الأهلیة في القانون:

تعدّ الأهلیة من مسائل الأحوال الشخصیة ذاتاً لکنها تؤثر علی المسئولیة التجاریة والجنائیة ومجالات قانونیة أخری؛ إذ یتوقف علیها قدرة الشخص علی اکتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات من جهة، وعلی ممارسة الأعمال والتصرفات المتعلقة بهذه الحقوق والإلتزامات علی وجه یعتد به قانوناً[13]. وقد نظم أحکام الأهلیة بصورة رئیسیة قانونُ الأحوال الشخصیة السعودیة والإیرانیة والدول الأخری، کما تضمن التشریعات المدنیة لمختلف البلدان الأحکام الأساسیة في الأهلیة بِعَدِّ الأهلیة من أهم ممیزات الشخصیة. 

و قد ثبت في قانون الأحوال الشخصیة في ایران، ان الشرائط الأساسیة لصحة المعاملة اربعة، منها اهلیة الطرفین[14]  ثم قال في تعیین معنا الأهلیة: لزوم کون المتعاقد بالغاً وعاقلاً ورشیداً (المادة 211) وذکر ان المعاملة مع من لیس ببالغ او عاقل أو رشید باطلة لعدم أهلیتهم لذلک (المادة 212)

 

اولاً: الأمراض النفسية: اسبابه واعراضه (علل ونشانه‌های آن)

1- الفصام 

الفصام (Schizophrenia) هو إضطراب یؤثر بشکل واضح علی قدرة الشخص علی التفکیر والشعور والتصرف. یتمیز الفصام بالأفکار أو التجارب التي تبدو بعیدة عن الواقع، والکلام أو السلوک غیر المنظم، وانخفاض المشارکة في الأنشطة الیومیة. قد تکون هناک أیضًا صعوبة في الترکیز والذاکرة. تشمل الأعراض الرئیسیة، الهلوسة (الهلوسة السمعیة غالبًا)، والأوهام، وإضطراب التفکیر. وتشمل الأعراض الأخری الإنسحاب الإجتماعی ، وانخفاض التعبیر العاطفي، واللامبالاة . 

و قد عدّ علماء النفس خمسة خصائص للفصام وهی:

ا. الذهان : یشیر الذهان إلی مجموعة من الأعراض التي تتمیز بفقدان الإتصال بالواقع بسبب إضطراب في الطریقة التي یعالج بها الدماغ المعلومات. عندما یعاني شخص ما من نوبة ذهانیة، تضطرب أفکار الشخص وتصوراته، وقد یواجه الفرد صعوبة في فهم ما هو حقیقي وما هو غیر حقیقي.

ب. الأوهام: هی معتقدات خاطئة ثابتة یتم الإحتفاظ بها علی الرغم من وجود دلیل واضح أو معقول علی أنها غیر صحیحة. الأوهام الإضطهادیة (أو جنون العظمة)، عندما یعتقد الشخص أنه یتعرض للأذی أو المضایقة من قبل شخص أو مجموعة أخری، هی الأکثر شیوعًا.

ج. الهلوسة : هی تجربة السمع أو الرؤیة أو الشم أو التذوق أو الشعور بأشیاء غیر موجودة. فهی حیة وواضحة ولها انطباع مماثل للتصورات العادیة. الهلوسة السمعیة، أو "سماع الأصوات"، هی الأکثر شیوعًا في مرض الفصام والإضطرابات الذهانیة المرتبطة به.

د. الإضطراب اللفظي والفکري: یشیر إلی الأفکار والکلام المختلط أو الذي لا معنی له. علی سبیل المثال، قد ینتقل الشخص من موضوع إلی آخر أو یرد بموضوع غیر ذي صلة في المحادثة. الأعراض شدیدة بما یکفي لتسبب مشاکل کبیرة في التواصل الطبیعي.

ه. السلوک الحرکي غیر المنظم أو غیر الطبیعي: هو حرکات یمکن أن تتراوح من السلوک الحرکي غیر الطبیعي یشبه سلوک الطفولیة إلی الإثارة غیر المتوقعة أو یمکن أن تظهر کحرکات متکررة بدون هدف. وعندما یکون السلوک شدیدا، فإنه یمکن أن یسبب مشاکل في أداء أنشطة الحیاة الیومیة. وتشمل الجمود، عندما یبدو الشخص کما لو کان في حالة ذهول مع القلیل من الحرکة أو الإستجابة للبیئة المحیطة.

الإدراک هو مجال آخر من مجالات الأداء یتأثر بالفصام مما یؤدي إلی مشاکل في الإنتباه والترکیز والذاکرة، وانخفاض الأداء التعلیمی.

عادة ما تظهر أعراض الفصام لأول مرة في مرحلة البلوغ المبکر ویجب أن تستمر لمدة ستة أشهر علی الأقل حتی یتم التشخیص. غالبًا ما یعاني الرجال من الأعراض الأولیة في أواخر سن المراهقة أو أوائل العشرینات من عمرهم، بینما تمیل النساء إلی إظهار العلامات الأولی للمرض في العشرینات وأوائل الثلاثینیات من العمر. قد تظهر علامات أکثر دقة في وقت مبکر، بما في ذلک العلاقات المضطربة وضعف الأداء المدرسي وانخفاض الحافز.

ومع ذلک، قبل إجراء التشخیص، یجب علی الطبیب النفسي إجراء فحص طبي شامل لاستبعاد إساءة استخدام المواد أو غیرها من الأمراض العصبية أو الطبیة التي قد تشبه أعراضها مرض انفصام الشخصیة.

السبب الدقیق لمرض الفصام الشخصیة غیر معروف، ولکن مجموعة من العوامل الوراثیة والبیئة وکیمیاء الدماغ وبنیته المتغیرة قد تلعب دورًا. 

ویعتقد الباحثون أن عدة عوامل وراثیة وبیئیة تساهم في خطر الإصابة بالفصام، کما أن ضغوطات الحیاة قد تلعب دوراً في بدایة الأعراض ومسارها. وبما أن عوامل متعددة قد تساهم، لا یمکن للعلماء أن یحددوا بعدُ السببَ الدقیق في کل حالة علی حدة.

الأعراض للفصام: عندما یکون المرض نشطا، یمکن أن یتمیز بنوبات لا یستطیع فیها الشخص التمییز بین التجارب الحقیقیة وغیر الحقیقیة. کما هو الحال مع أی مرض، یمکن أن تختلف شدة الأعراض ومدتها وتکرارها؛ ومع ذلک، في الأشخاص المصابین بالفصام، غالبًا ما ینخفض معدل حدوث أعراض ذهانیة حادة مع تقدم الشخص في السن. یؤدي عدم تناول الأدویة کما هو موصوف، وتعاطي الکحول أو المخدرات غیر المشروعة، والمواقف العصیبة إلی زیادة الأعراض. تنقسم الأعراض إلی ثلاث فئات رئیسیة:

ا. الأعراض الإیجابیة (التي تظهر بشکل غیر طبیعي): الهلوسة، مثل سماع أصوات أو رؤیة أشیاء غیر موجودة، والبارانویا وهو التصورات والمعتقدات والسلوکیات المبالغ فیها أو المشوهة.

ب. الأعراض السلبیة (تلک الغائبة بشکل غیر طبیعي): ضعف التعبیر العاطفي (التسطیح العاطفي)، وانخفاض مخرجات الکلام (ألوجیا)، وانخفاض الرغبة في التواصل الإجتماعي (اللااجتماعیة)، وانخفاض الدافع لبدء الأنشطة الهادفة الموجهة ذاتیا والإستمرار فیها (النفور)، وانخفاض تجربة المتعة (انعدام التلذذ).

ج. أعراض غیر منظمة: تفکیر وکلام مرتبک ومضطرب، مشکلة في التفکیر المنطقي، وأحیانًا سلوک غریب أو حرکات غیر طبیعية[15].

العلاج: وعادة ما تتطور الأعراض تدریجیا، بدءًا من مرحلة البلوغ المبکر وفي کثیر من الحالات لا یتم حلها بشکل کامل أبدًا. عادةً ما، یستمر العلاج مدی الحیاة، وغالبًا ما، یتضمن مجموعة من الأدویة والعلاج النفسي وخدمات الرعایة المتخصصة المُنسَّقة .

2- الإضطراب ثنائي القطب (Bipolar disorder)

الإضطراب ثنائي القطب (Bipolar disorder) الإضطراب ثنائي القطب هو إضطراب یرتبط بنوبات من تقلب المزاج تتراوح من مستویات الإکتئاب المنخفض إلی مستویات الهوس 

الإضطرابات ثنائية القطب هی حالات صحیة عقلیة تتمیز بحالات عاطفیة دوریة ومکثفة تؤثر علی مزاج الشخص وطاقته وقدرته علی العمل. وتسمی هذه الفترات، التي تستمر من أیام إلی أسابیع، بنوبات المزاج. یتم تصنیف نوبات المزاج علی أنها 1- نوبات هوس او هوس خفیف عندما یکون المزاج الغالب هو فرح للغایة أو سریع الإنفعال، أو 2- نوبات اکتئاب، عندما یکون هناک مزاج حزین للغایة أو 3- تختفی القدرة علی تجربة الفرح أو المتعة. عادةً ما یعاني الأشخاص المصابون بالإضطراب ثنائي القطب من فترات من المزاج المحاید أیضًا. 

فی حین أن الأشخاص الذین لا یعانون من إضطراب ثنائي القطب قد یعانون أیضًا من تقلبات مزاجیة، فإن تغیرات المزاج التي تعد جزءًا من تجربة معیشیة شائعة عادة ما تستمر لساعات بدلاً من أیام ولا تکون مصحوبة بتغیرات شدیدة في السلوک أو تغیرات في الأداء، مثل الصعوبات في الروتین الیومي والتفاعلات الإجتماعیة. یمکن أن یؤدي الإضطراب ثنائي القطب إلی تعطیل علاقات الشخص مع أحبائه ویسبب صعوبة في العمل أو الذهاب إلی المدرسة.

عادة ما ینتشر الإضطراب ثنائي القطب في العائلات: 80 إلی 90 بالمائة من الأفراد المصابین بالإضطراب ثنائي القطب لدیهم قریب مصاب بالإضطراب ثنائي القطب أو الإکتئاب. قد تؤدي العوامل البیئیة مثل التوتر وإضطراب النوم والمخدرات والکحول إلی إثارة نوبات مزاجیة لدی الأشخاص الضعفاء. 

کثیرًا ما یعاني الأشخاص المصابون بإضطراب ثنائي القطب من إضطرابات عقلیة أخری مثل إضطرابات القلق، وإضطرابات تعاطی المخدرات،  و إضطراب نقص الإنتباه أو فرط النشاط (ADHD). یکون خطر الإنتحار أعلی بکثیر بین الأشخاص الذین یعانون من الإضطراب ثنائي القطب من النوع الأول مقارنةً بعامة السکان.

السبب الدقیق للإضطراب ثنائي القطب غیر معروف، ولکن مجموعة من العوامل الوراثیة والبیئة وبنیة الدماغ المتغیرة والکیمیاء قد تلعب دورًا. علی الرغم من أن الأسباب المحددة للإضطراب ثنائي القطب غیر واضحة، إلا أن هناک عوامل بیولوجیة، بما في ذلک التاریخ العائلی لإضطرابات المزاج، والإضطرابات الذهانیة ، وإساءة استخدام المواد، والعوامل البیئیة التي تزید من خطر الإصابة بالإضطراب ثنائي القطب. متوسط عمر بدایة المرض هو في منتصف العشرینات. 

  لانغفل عن هذا المهم أنّ العوامل المبقیة لهذه الأمراض تشمل نقص المعرفة وعدم الوصول إلی المعالجین المتخصصین، اللامبالاة الإجتماعیة، إهمال الواجب المشترک في علاج المرضی، والخرافات المؤدّي إلی تحمل المرض وحتی الرضا بالمرض

 الإضطراب ثنائي القطب هو فئة تتضمن ثلاثة تشخیصات رئیسیة: الإضطراب ثنائي القطب من النوع الأول، والإضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني، وإضطراب دورَویة المزاج.

1-2- إضطراب ثنائي القطب من النوع الأول

یتم تشخیص إضطراب ثنائي القطب من النوع الأول عندما یعاني الشخص من نوبة هوس. خلال نوبة الهوس، یعاني الأشخاص المصابون بإضطراب ثنائي القطب من زیادة شدیدة في الطاقة وتغیرات في المزاج، بما في ذلک الشعور بالسعادة الشدیدة أو الإنفعال غیر المریح. یعاني بعض الأشخاص المصابین بإضطراب ثنائي القطب من النوع الأول أیضًا من نوبات اکتئاب أو هوس خفیف، کما یعاني معظم الأشخاص المصابین بإضطراب ثنائي القطب من النوع الأول أیضًا من فترات من المزاج المحاید.

اعراض إضطراب ثنائي القطب من النوع الأول علی ثلاثة حالات حسب النوبات:

الأول- نوبة الهوس: نوبة الهوس هی فترة لا تقل عن أسبوع واحد یکون فیها الشخص شدید الحماسة أو سریع الإنفعال معظم الیوم في معظم الأیام، ویمتلک طاقة أکثر من المعتاد، ویعاني علی الأقل من ثلاثة من التغییرات التالیة في السلوک: 1- انخفاض الحاجة إلی النوم (علی سبیل المثال، الشعور بالنشاط علی الرغم من قلة النوم بشکل ملحوظ عن المعتاد). 2- زیادة أو سرعة الکلام. 3- أفکار متسارعة لا یمکن السیطرة علیها أو تغییر الأفکار أو المواضیع بسرعة عند التحدث.4- التشتیت. . 5- زیادة النشاط (علی سبیل المثال، الأرق ، العمل في عدة مشاریع في وقت واحد). 6- زیادة السلوک المحفوف بالمخاطر أو الإندفاع (علی سبیل المثال، القیادة المتهورة)، وفورات الإنفاق ، والإختلاط الجنسي.

ویجب أن تمثل هذه السلوکیات تغییرًا عن السلوک المعتاد للشخص وأن تکون واضحة للأصدقاء والعائلة. یجب أن تکون الأعراض شدیدة بما یکفي لتسبب خللًا في العمل أو الأسرة أو الأنشطة والمسؤولیات الإجتماعیة. تتطلب أعراض نوبة الهوس عادةً رعایة في المستشفی لضمان السلامة. أثناء نوبات الهوس الشدیدة، یعاني بعض الأشخاص أیضًا من تفکیر غیر منظم ومعتقدات خاطئة و/أو هلوسة، تُعرف باسم المظاهر الذهانیة .

الثاني- نوبة الهوس الخفیف: تتمیز نوبة الهوس الخفیف، أو الهوس الخفیف، بأعراض هوس أقل حدة وتحتاج إلی أن تستمر أربعة أیام متتالیة فقط بدلاً من أسبوع. أعراض الهوس الخفیف لا تؤدي إلی مشاکل کبیرة في الأداء الیومي التي تسببها أعراض الهوس عادة.

الثالث- نوبة الإکتئاب الکبری: نوبة الإکتئاب الکبری هی فترة لا تقل عن أسبوعین یعاني فیها الشخص من الحزن الشدید أو الیأس أو فقدان الإهتمام بالأنشطة التي کان یتمتع بها الشخص في السابق وأربعة علی الأقل من الأعراض التالیة: 1- مشاعر عدم القیمة أو الذنب. 2- تعب. 3- زیادة أو نقصان النوم. 4- زیادة أو انخفاض الشهیة. 5- الأرق (علی سبیل المثال، السرعة) أو تباطؤ الکلام أو الحرکة.6- صعوبة في الترکیز. 7- کثرة التفکیر بالموت أو الإنتحار.

2-2- إضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني

لتشخیص إضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني لدی أی فرد، یجب أن یکون لدیه نوبة اکتئاب کبری واحدة علی الأقل ونوبة هوس خفیف واحدة علی الأقل. في حالة الإضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني، من الشائع أن یعود الأشخاص إلی وظائفهم المعتادة بین النوبات. غالبًا ما یبحث الأشخاص المصابون بإضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني عن العلاج نتیجة لنوبات الإکتئاب التي یعانون منها، نظرًا لأن نوبات الهوس الخفیف غالبًا ما تشعر بالمتعة ویمکن أن تزید من الأداء في العمل أو المدرسة.

یعاني الأشخاص المصابون بإضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني في کثیر من الأحیان من أمراض عقلیة أخری مثل إضطراب القلق أو إضطراب تعاطی المخدرات، وهذا الأخیر یمکن أن یؤدي إلی تفاقم أعراض الإکتئاب أو الهوس الخفیف.

علاجات الإضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني تشبه علاجات الإضطراب ثنائي القطب من النوع الأول: یشتمل علی الأدویة والعلاج النفسي. الأدویة الأکثر استخدامًا هی مثبتات المزاج. تُستخدم مضادات الإکتئاب بحذر لعلاج الإکتئاب المرتبط ثنائي القطب، ویستمر استخدامها لفترة قصیرة بعد تحسن الإکتئاب لأنها تزید من خطر تحویل الإکتئاب إلی هوس وهوس خفیف. إذا کانت أعراض الإکتئاب شدیدة وکان الدواء غیر فعال، فیمکن استخدام العلاج بالصدمات الکهربائیة. یتم علاج کل شخص بشکل فردی.

3-2- إضطراب دورویة المزاج 

هو شکل أخف من الإضطراب ثنائي القطب یتضمن العدید من "تقلبات المزاج"، مع هوس خفیف وأعراض اکتئابیة تحدث بشکل متکرر. یعاني الأشخاص المصابون بإضطراب دورویة المزاج من تقلبات عاطفیة ولکن مع أعراض أقل حدة من الإضطراب ثنائي القطب الأول أو الثاني.

تشمل أعراض إضطراب دورویة المزاج ما یلی:

1- لمدة عامین علی الأقل، تظهر فترات عدیدة من أعراض الهوس الخفیف والإکتئاب، ولکن الأعراض لا تستوفي معاییر نوبات الهوس الخفیف أو الإکتئاب. 2- خلال فترة السنتین، استمرت الأعراض (تقلبات المزاج) لمدة نصف الوقت علی الأقل ولم تتوقف أبدًا لأکثر من شهرین.

یمکن أن یشمل علاج إضطراب دورویة المزاج الأدویة والعلاج بالکلام. بالنسبة للعدید من الأشخاص، یمکن أن یساعد العلاج بالکلام في التغلب علی الضغوط الناجمة عن تقلبات المزاج. یمکن أن یکون الإحتفاظ بمذکرات الحالة المزاجیة وسیلة فعالة لمراقبة أنماط تقلبات الحالة المزاجیة. قد یبدأ الأشخاص المصابون بإضطراب دورویة المزاج العلاج ویتوقفون عنه بمرور الوقت[16].

3- الخرف 

الخرف (dementia) الخرف هو مصطلح جماعي یستخدم لوصف الإضطرابات التنکسیة العصبية في الدماغ التي تؤثر علی الإدراک. یختلف ضعف الإدراک لدی الأشخاص المصابین بالخرف عن مشاکل الذاکرة المرتبطة بالشیخوخة الطبیعية. یمکن أن یضعف الخرف قدرتهم علی رعایة أنفسهم وشؤونهم الیومیة.

عند الشخص المصاب بالخرف، تتضرر الخلایا العصبية تدریجیا في مناطق الدماغ التي تؤثر علی الإدراک. الخرف هو تشخیص سریري یتم إجراؤه لدی الأفراد الذین یعانون من انخفاض کبیر عن المستوی الأساسي للأداء المعرفي . یمکن أن یضعف الخرف قدرتهم علی الإعتناء بأنفسهم وأنشطتهم الیومیة. یمکن أن یحدث الإنخفاض في واحد أو أکثر من المجالات المعرفیة، بما في ذلک: 1- الذاکرة، بما في ذلک القدرة علی تذکر الأحداث والمحادثات الأخیرة.2- تعلم معلومات جدیدة وتطبیقها. 3- القدرة علی الحفاظ علی الإهتمام بالمهام المعقدة. 4- اللغة، بما في ذلک التسمیة والتحدث دون أخطاء نحویة ومع الإستخدام المناسب للکلمات.5- المهارات المتعلقة بالحرکة، بما في ذلک التنسیق بین الید والعین، والتنسیق بین الجسم والعین، والمهارات البصریة والسمعیة. 6- القدرة علی ترکیز الإهتمام وتخطیط وتنظیم وتنسیق المهام المتعددة . 7- القدرة علی إلادراک والفهم والحکم علی الآخرین وعلی السلوک الإجتماعي للفرد.

یمکن قیاس شدة الضعف الإدراکي من خلال التقییم النفسي العصبي أو التقییم السریري . لتشخیص الخرف، یجب أن تکون المشکلات المعرفیة لدی الشخص شدیدة بما یکفي للتأثیر علی قدرته علی أداء أنشطته الیومیة بشکل مستقل. وهذا یشمل قدرتهم علی إدارة شؤونهم المالیة والأدویة، وارتداء الملابس المناسبة، والحفاظ علی النظافة. لا ینبغي أن یکون الضعف الإدراکي نتیجة لإضطراب نفسي آخر مثل الإکتئاب أو الفصام، أو حالات طبیة مثل الهذیان (حالة مؤقتة من الإرتباک تحدث خلال فترة قصیرة بسبب حالات طبیة أو أدویة أو مواد أو سموم کامنة).

هناک أنواع وأسباب مختلفة للخرف. أکثر أنواع الخرف شیوعًا هی:

  1. مرض الزهایمر: النوع الأکثر شیوعاً من الخرف. یبدأ مرض الزهایمر عادةً بهفوات في الذاکرة بالنسبة للأحداث أو المحادثات أو الأسماء أو الوجوه الأخیرة .
  2. الخرف الوعائی: ثاني أکثر أنواع الخرف شیوعًا. یحدث هذا النوع من الخرف بسبب السکتات الدماغیة أو السکتات الدماغیة الصغیرة (المعروفة أیضًا باسم الهجمات الإقفاریة العابرة). کل سکتة دماغیة أو سکتة دماغیة صغیرة یمکن أن تسبب مشاکل في إمدادات الدم إلی الدماغ. یعاني الأفراد المصابون بالخرف الوعائي من انخفاض تدریجي في الإدراک مع کل سکتة دماغیة أو سکتة دماغیة صغیرة. تعتمد الأعراض علی منطقة الدماغ المتضررة.
  3. الخرف المصحوب بأجسام لیوي : في الأفراد المصابین بالخرف المصحوب بأجسام لیوی، تشمل الأعراض الرئیسیة الهلوسة ؛ إضطرابات النوم مثل الکوابیس ، الظهور بالنعاس أو التعب، ومشاکل في الحرکات أو التوازن مثل السقوط والرعشة والحرکات البطیئة وصعوبات المشی. عادة ما تحدث مشاکل الذاکرة في وقت لاحق من تطور المرض، مقارنة بمرض الزهایمر.
  4. الخرف الجبهي الصدغي : في الخرف الجبهي الصدغي، یمکن للأفراد تجربة تغیرات في الشخصیة مثل قلة الإهتمام أو العواطف، والغضب المندفع وصعوبات في تنظیم وتخطیط الأنشطة الیومیة مثل الذهاب إلی العمل ودفع الفواتیر. ویمکنهم أیضًا أن یواجهوا صعوبة في اللغة، مثل صعوبة تسمیة الأشیاء، وارتکاب الأخطاء النحویة، واستخدام کلمات غیر مناسبة، والحفاظ علی طلاقة الکلام. عادة ما تحدث مشاکل الذاکرة في وقت لاحق من تطور المرض، مقارنة بمرض الزهایمر.

تشیر التقدیرات إلی أن أکثر من 55 ملیون شخص حول العالم یعانون من الخرف. مرض الزهایمر هو النوع الأکثر شیوعا من الخرف (60-80٪ من الحالات) ویصیب 6.7 ملیون أمریکی.

4- إضطراب القلق

إضطراب القلق (Clinical depression) : إضطراب في الصحة العقلیة یتمیز بمشاعر القلق أو الإنزعاج أو الخوف التي تکون قویة بما یکفي للتدخل في الأنشطة الیومیة للشخص. ویصاحبه علامات جسدیة کسرعة ضربات القلب والتعرق، تشمل أمثلة إضطرابات القلق نوبات الهلع وإضطراب الوسواس القهري، وإضطراب ما بعد الصدمة . تشمل الأعراض التوتر الذي لا یتناسب مع تأثیر الحدث، وعدم القدرة علی التخلص من القلق والأرق. یشمل العلاج الإستشارة أو تناول الأدویة، بما في ذلک مضادات الإکتئاب .

5- الإکتئاب السریري

الإکتئاب السریري (Anxiety disorder): إضطراب في الصحة العقلیة یتمیز بمزاج مکتئب بشکل مستمر أو فقدان الإهتمام بالأنشطة، مما یسبب ضعفًا کبیرًا في الحیاة الیومیة. تشمل الأسباب المحتملة مزیجًا من مصادر الضیق البیولوجیة والنفسية والإجتماعیة. تشیر الأبحاث علی نحو متزاید إلی أن هذه العوامل قد تسبب تغیرات في وظائف المخ، بما في ذلک تغیر نشاط بعض الدوائر العصبية في الدماغ. یمکن أن یؤدي الشعور المستمر بالحزن أو فقدان الإهتمام الذي یمیز الإکتئاب الشدید إلی مجموعة من الأعراض السلوکیة والجسدیة. قد تشمل هذه الأعراض، التغیرات في النوم، أو الشهیة، أو مستوی الطاقة، أو الترکیز، أو السلوک الیومی، أو احترام الذات . یمکن أن یرتبط الإکتئاب أیضًا بأفکار الإنتحار. الدعامة الأساسیة للعلاج عادة ما تکون الأدویة أو العلاج الحدیث أو مزیج من الإثنین. علی نحو متزاید، تشیر الأبحاث إلی أن هذه العلاجات قد تعمل علی تطبیع التغیرات الدماغیة المرتبطة بالإکتئاب.

6- إضطراب الوسواس القهري

إضطراب الوسواس القهري (Obsessive compulsive disorder) هو أفکار مُفرَطة تؤدي إلی سلوکیات متکررة وأفعال قهرية. یتمیز إضطراب الوسواس القهري بأفکار ومخاوف غیر معقولة تؤدي إلی سلوکیات قهرية لا یستطیع التحکم فیها، غالبًا ما یرکز الوسواس القهري علی موضوعات مثل الخوف من الجراثیم أو الحاجة إلی ترتیب الأشیاء بطریقة معینة ومن أمثلته وسواس النظافة ووسواس الإکتناز. تبدأ الأعراض عادة بشکل تدریجي وتختلف طوال الحیاة. یشمل العلاج العلاج بالکلام أو الأدویة أو کلیهما.

7- إضطراب نقص الإنتباه أو فرط النشاط

إضطراب نقص الإنتباه أو فرط النشاط (Attention-deficit or hyperactivity disorder) هو حالة مزمنة تشمل صعوبة الإنتباه وفرط النشاط والإندفاع . غالبًا یبدأ إضطراب فرط الحرکة ونقص الإنتباه في مرحلة الطفولة ویمکن أن یستمر حتی مرحلة البلوغ. وقد یساهم في تدني احترام الذات، والعلاقات المضطربة، وصعوبة في المدرسة أو العمل. تشمل الأعراض قلة الإنتباه وفرط النشاط. تشمل العلاجات الأدویة والعلاج بالکلام.

8- إضطراب ما بعد الصدمة

إضطراب ما بعد الصدمة (Post-traumatic stress disorder) هو إضطراب یواجه فیه الشخص صعوبة في التعافي بعد تجربة أو مشاهدة حدث مرعب. قد تستمر هذه الحالة لأشهر أو سنوات، مع مُحَفِّزات یمکن أن تعید ذکریات الصدمة المصحوبة بردود فعل عاطفیة وجسدیة شدیدة. قد تشمل الأعراض الکوابیس أو ذکریات الصدمة غیر المرغوب فیها، أو تجنب المواقف التي تعید ذکریات الصدمة، أو ردود الفعل المتزایدة ، أو القلق ، أو المزاج المکتئب یشمل العلاج أنواعًا مختلفة من العلاج النفسي الذي یرکز علی الصدمة بالإضافة إلی الأدویة للتحکم في الأعراض. توجد علاقات بین المرض الدماغي المتابولیکي والعصبي وأنواع الإضرابات النفسية، منهم إضطرابات القلق، إضطرابات المزاج، الشذوذات الجنسیة، الإضطرابات الذهانیة، إضطراب الوسواس القهري، الإضطرابات العصبية النمائیة، إضطرابات الأکل، إضطرابات النوم، إضطرابات الشخصیة، إضطراب ما بعد الصدمة، إضطرابات التحکم في الدافع، إضطراب إدمان المخدرات والمؤثرات العقلیة.

 

ثانیاً: العوامل المهیئة والمظهرة والمبقیة للمرض النفسي 

من أهم العوامل المهیئة للأمراض النفسية هی الإضطرابات الإجتماعیة ومنها الأزمات الفکریة والإقتصادیة والأسریة وظاهرة الحداثة والحرب والتطرف والإزاحة . ما الجدیر بالإشارة أنّ أهم العوامل المظهرة لهذه الأمراض هی إشتداد سیاقات الحزن الإجتماعیة وزیادة الخوف من الأزمات العالمیة والإقلیمیة وکثافة الشعور بالذنب وعدم القدرة علی السیطرة علی الضغوط الیومیة وصعوبة الفهم والتواصل مع المواقف والأشخاص ومشاکل تعاطي الکحول والمخدرات والغضب والعداء وضعف التسامح. 

لانغفل عن هذا المهم أنّ العوامل المبقیة لهذه الأمراض تشمل نقص المعرفة وعدم الوصول إلی المعالجین المتخصصین، الخرافات المؤدي إلی تحمل المرض وحتی الرضا بالمرض، اللامبالاة الإجتماعیة وإهمال الواجب المشترک في علاج المرضی. 

و من العوامل المهیئة «الإضطرابات العصبية النمائیة»[17] فأنها مجموعة إضطرابات یحدث فیها خلل في نمو الجهاز العصبي المرکزی، وتعد من أنواع الأمراض النفسية والعصبية عند الأطفال والمراهقین، وقد تظهر في صورة إضطراب في الوظیفة الحرکیة، أو صعوبات التواصل والتعلم. 

و تعد منها ایضاً «إضطرابات الشخصیة»[18] فانها تتسم بنمط تفکیر معین وتصرفات غیر سویة تؤثر علی علاقات الفرد الإجتماعیة، کما یعاني المصابون بإضطرابات الشخصیة من صعوبة التعامل مع ضغوط الحیاة الیومیة، بل وربما لا یدرک هؤلاء الأشخاص أنهم مصابون بإضطراب نفسي. 

هناک أنواع من الأمراض النفسية التي لا علاقة لها بمسألة الأهلیة. وقد تحدثنا عن الأسباب المظهرة حسب الأمراض فیما سبق.

 

ثالثاً: عوارض الأهلیة

  حالات عوارض الأهلیة وهی أربع حالات: الجنون والعته والغفلة والسفه. وهی ترتبط بتمییز الإنسان مما یؤثر بالتالي علی أهلیته من حیث نقصانها أو إنعدامها. ونحن سنبحث عن الجنون والسفه وا لعته بما ذکر الفقهاء في الشریعة الإسلامیة. والبحث عن الغفلة لیس له علاقة بموضوع بحثنا.

ذکر الفقهاء ثلاث حالات من الأمراض النفسية التي تمنع اهلیة التصرف وسمّوها بأسباب الحجر: الأول: السفاهة، الثاني: الجنون والثالث: العته . والفرق بین الجنون والعته: انّ العته نقصان العقل والإنتباه، من دون ان یبلغ حد الجنون وقد یستعمل المعتوه بمعنی المجنون[19]. وهو مرض یسبب إضطراباً فکریاً، ویعاني صاحبه من تشتت الکلام، بحیث یصبح کلامه أحیاناً مثل کلام العاقل، وأحیاناً مثل کلام المجنون. وهی من تعقیدات المؤهل السماوي التي تؤدي إلی إلغاء بعض الإلتزامات الشرعیة. 

اما الفرق بین السفیه والمعتوه: أنّ المعتوه یشابه المجنون في بعض أفعاله وأقواله، بخلاف السّفیه فإنّه لا یشابه المجنون لکن تعتریه خفّة فیتابع مقتضاها في الأمور من غیر رویة وفکر في عواقبها لیقف علی أنّ عواقبها مذمومة أو محمودة[20]

فلابد من البحث عن تعریف المجنون والمعتوه والسفیه وما ذکر في شأنهم في الروایات وفي الفقه الإمامیة

الأول: في معنا السفاهة والجنون والعته 

1-1- معنا السفاهة 

السَفَه (بالفتحتین) اصله یدل علی خفة وسخافة[21] ولغةً خفة العقل[22] وهو نقیض الحلم[23]؛ ویستعمل السفیه بمعنی الجاهل ایضاً[24].

و استعمل «السفیه» في القران الکریم بمعنا من لیس برشید و«الرشد» قد یکون بمعنی الهدایة والإستقامة علی الصواب وهو نقیض الغیّ والضلالة کما في قوله تعالی «قد تبین الرشد من الغی» (البقرة:256) وقد یکون بمعنی من له اهلیة التصرف في الأموال والحقوق کما في قوله تعالی «فان آنستم منهم رشداً فادفعوا الیهم اموالهم» (النساء:6) وتقابله السفاهة وهی قد یکون بمعنی الضلالة کما في قوله تعالی «سیقول السفهاء ما ولاهم عن قبلتهم التي کانوا علیها» (البقرة:142) وقد یکون بمعنی من لیس له اهلیة التصرف في الأموال والحقوق کما في قوله تعالی «فان کان الذي علیه الحق سفیهاً او ضعیفاً» (البقرة:282) «و لا تؤتوا السفهاء اموالکم التي جعل الله لکم قیاما» (النساء:5)

و ورد في الروایات تقابل صفةُ السفاهة صفةَ الحلم[25]

و السفاهة عند الفقهاء والأصولیین عبارة عن خفة تعتري الإنسان فتبعثه علی العمل بخلاف موجب العقل والشرع. والسّفیه من به تلک الخفة والإضطراب. وعلی هذا المعنی یبني الفقهاء منع المال من السفیه ووجوب الحجر ونحو ذلک[26].

فالسفیه لغةً خفیف العقل وعند الفقهاء هو الذي لیس له حالة باعثة علی حفظ ماله والإعتناء بحاله، یصرفه في غیر موقعه، ویتلفه بغیر محله، ولیست معاملاته مبنیة علی المکایسة والتحفظ عن المغابنة، لا یبالي بالإنخداع فیها، یعرفه أهل العرف والعقلاء بوجدانهم إذا وجدوه خارجا عن طورهم ومسلکهم بالنسبة إلی أمواله تحصیلا وصرفا، وهو محجور علیه شرعا لا ینفذ تصرفاته في ماله ببیع وصلح وإجارة وهبة وإیداع وعاریة وغیرها ... وکما أن السفیه محجور علیه في أمواله کذلک في ذمته بأن یتعهد مالا أو عملا، فلا یصح اقتراضه وضمانه، ولا بیعه وشراؤه بالذمة ولا إجارة نفسه، ولا جعل نفسه عاملا للمضاربة ونحوها[27]

و اطلاق السفیه علی شارب الخمر وما شابهه في بعض الروایات مجاز باعتبار ما یؤول الیه فلا مدخل للفسق في معنا السفاهة ولا للعدالة في معنا الرشد إلّا بالإعتبار والمجاز.

  1. - الشک في صدق السفاهة

قال الإمام الخمیني (م. 1409) مسألة 10 - لا یسلم إلی السفیه ماله ما لم یحرز رشده، وإذا اشتبه حاله یختبر، بأن یفوض إلیه مدة معتدا بها بعض الأمور مما یناسب شأنه کالبیع والشراء والإجارة والإستئجار لمن یناسبه مثل هذه الأمور، والرتق والفتق في بعض الأمور، مثل مباشرة الإنفاق في مصالحه ومصالح الوليّ ونحو ذلک فیمن یناسبه ذلک، وفي السفیهة یفوض إلیها ما یناسب النساء من إدارة بعض مصالح البیت والمعاملة مع النساء من الإجارة والإستئجار للخیاطة أو الغزل أو النساجة وأمثال ذلک، فان آنس منه الرشد بأن رأی منه المداقة والمکایسة والتحفظ عن المغابنة في معاملاته وصیانة المال من التضییع وصرفه في موضعه وجریه مجری العقلاء دفع الیه ماله وإلا فلا[28].

1-2- معنا الجنون

الثاني: الجنون هو فساد العقل[29]، قال ابن فارس: جنن: أصل واحد، وهو [السَّتْر] والتستّر. ...الجِنّة: الجَنون؛ وذلک أنّه یغطِّی العقل[30]. قال الزمخشری: جُنَّ دیوانه شد جُنُونًا وهو مَجْنُونٌ دیوانه[31]

الجنون- علی ما یظهر من کتب الأطباء وکلماتهم- لیس علما لمرض شخصی معین، بل هو اسم لجمیع الأمراض الدماغیة الباعثة لاختلال العقل وفساده، ویعبّرون عنها بفساد العقل. والمراد بفساد العقل: أعم من أن یکون الفساد في نفس القوة العاقلة، أو في قواها الخادمة لها، کالمفکرة والمخیلة وغیرهما. ولها أنواع مختلفة، وآثار متشتتة متفاوتة، ومن هنا قیل: الجنون فنون. وبما ذکرنا من کون الجنون هو فساد العقل صرّح في کتب الفقهاء أیضا[32]

قال الشهید الثاني (م. 966): وهو- أی الجنون- یتناول بإطلاقه لجمیع أقسامه، فإنّ الجنون فنون، والجامع بینها فساد العقل کیف اتّفق[33].

و قال سید عليّ الطباطبائي في شرحه علی النافع: الجنون: وهو فساد العقل المستقر، الغیر المستند إلی السهو السریع الزوال والإغماء العارض مع غلبة المرّة[34]. وصرّح بذلک الفاضل المقداد[35]، والفاضل الهندي[36].

و المناط في معرفته، صدق الجنون عرفا. وهو إنما یکون إذا لم یکن الفساد قلیلا جدّا بحیث لا یظهر لأهل العرف ولا یلتفتون إلیه، فإذا کان بحیث یظهر لأهل العرف، یطلق علیه الجنون وتجري علیه أحکامه.

- الشک في صدق مفهوم الجنون:

و إن شک في فرد منه هل هو مجنون عرفا أم لا؟ حیث یقع التشکیک کثیرا في المصادیق العرفیة، یرجع إلی العمومات، مثل قوله تعالی ولِلّٰهِ عَلَی النّٰاسِ حِجُّ الْبَیتِ (آل‌عمران:97) ویٰا أَیهَا النّٰاسُ اعْبُدُوا رَبَّکمُ (البقرة:21)، ونحو ذلک. ولیس ذلک من باب الإجمال في المخصص، إذ لا إجمال في ذلک، نعم قد یخفی علی أهل العرف صدقه علی فرد. ویشترط في صدق المجنون کون أفعاله الردیئة ناشئة عن اختلال العقل، بأن لا یدرک قبحها، وقد تصدر من أحد أفعال ردیئة ولکنه یدرک قبحها ویرتکبها، إما لأجل مصلحة، أو بدون اختیار لمرض، کمن یبکی طول لیله ونهاره ویعلم أنه مرض عرض له[37].

1-3- معنا العَتَه (بفتح التاء وسکونها)

عُتِهَ الرجلُ فهو معتوه، والإسم العُتاه، وهو اختلاط العقل، شبیه بالبَلَه[38]. وقد یطلق المعتوه علی المجنون وقد یطلق علی المدهوش من غیر مس الجنون[39] والمعتوه ناقص العقل[40]. عُتِه الرجُلُ فهو مَعْتوه والإسم العَتَاه- وهو اختِلاط العقل شَبِیه بالبَلَه (سست خرد وناتوان رأی). والمعتوه بالفارسی: سخیف وکم‌عقل بدون این که دیوانه شده باشد[41]. (من قلّ عقله من دون الجنون)

و بما انّ نقصان العقل له حالات کثیرة فانه یمکن ان یقال ان العته یطلق عرفاً علی کثیر من الأمراض الجدیدة مرتبطة بنقصان العقل في کثیر من افعاله مثل التفکیر والإستدلال والأفعال المرتبطة به

الثاني: في أحکام السفه والجنون والعته 

2-1- في أحکام السفه

الحجر لغةً المنع. وشرعاً المنع من التصرف في الأموال. وموجباته ستة الصغر والجنون والرق والمرض والفلس والسفه. والسفیه هو الذي یصرف أمواله في غیر الأغراض الصحیحة عند العقلاء ف‍لو باع والحال هذه لم یمض بیعه والشراء بالعین أو الذمّة وکذا مضاربته ونحوها وهبته وإقراره بالدین والعین ووقفه. ویمنع من التصرّفات المالیة وإن ناسبت أفعال العقلاء. فإن عقد لم یمض. والحجر علی السّفیه عام في تصرّفاته في ماله فلا یصحّ بیعه ولا إقراره ولا غیر ذلک من التصرفات سواء وقعت منه مباشرة أو أقام في ذلک وکیلاً . ومقابله الرشد وهو الصّلاح في المال فإذا بلغ رشیدا بهذا المعنی سلم إلیه ماله وإن کان غیر رشید في دینه إذا کان فسقه غیر مستلزم للتبذیر مثل ترک صلاة أو منع زکاة أو إقدام علی کذب فهذا یسلم إلیه ماله إذا کان مصلحا له وإن استلزم التبذیر کشرب الخمر وآلات اللّهو والنفقة علی الفساق فهذا لا یسلم إلیه شی‌ء لأجل تبذیره ولا یشترط العدالة وصرف أکثر المال إلی صنوف الخیر مع قناعة بالباقي لیس بتبذیر ولا سرف وصرفه إلی الأطعمة النفیسة التي لا یلیق بحاله تبذیر ولا یوجب السفه[42]

و معنی عدم نفوذ تصرفات السفیه عدم استقلاله، فلو کان بإذن الوليّ أو إجازته صح ونفذ للأمن من الإنخداع، نعم فیما لا یجري فیه الفضولیة یشکل صحته بالإجازة اللاحقة من الوليّ، ولو أوقع معاملة في حال سفهه ثم حصل له الرشد فأجازها کانت کإجازة الوليّ[43].

الولایة في مال السفیه الذي لم یسبق رشده للاب والجدّ ثم الوصي ثم ا لحاکم فان سبق فللحاکم لا غیر[44].

اما تصرفاته غیر المالیة فلا تمنع شیئا من الأحکام الشرعیة، ولم یترتب علیها في الشریعة المقدسة حکم سوی أمر واحد، وهو الحجر والمنع عن التصرفات المالیة في بعض أقسامها، إذ لیس في الشریعة في حق السفیه بمعنی المفسد للمال دلیل یثبت له حکما أو ینفیه، وکذا السفیه المفسد لا دلیل فیه یمنع غیر تصرفاته المالیة[45].

اما ضمانه فلو اطلع الوليّ علی بیع أو شراء او ودیعة ونحوها من السفیه ولم یر المصلحة في إجازته فان لم یقع إلا مجرد العقد ألغاه، وإن وقع تسلیم وتسلم للعوضین فما سلمه إلی الطرف الآخر یسترده ویحفظه، وما تسلمه وکان موجودا یرده إلی مالکه، وإن کان تالفا ضمنه السفیه، فعلیه مثله أو  قیمته لو قبضه بغیر إذن من مالکه، وإن کان بإذن منه لم یضمنه إلا في صورة الإتلاف منه، فإنه لا یبعد فیها الضمان، کما أن الأقوی الضمان لو کان المالک الذي سلّمه الثمن أو المبیع جاهلا بحاله أو بحکم الواقعة خصوصا إذا کان التلف بإتلاف منه، وکذا الحال لو اقترض السفیه وأتلف المال[46].

اما الوصیة الیه ووصیته فلا یجوز الوصیة إلی السفیه فالسفیه لا تقبل وصیته إلا في وجوه البر والمعروف خاصة. ولا تمضی هبته ولا وقفه بما لیس في وجوه البر[47].

یصح اقرار السفیه بما لم یتعلق بالمال مثل کاقراره بالنسب وما یوجب القصاص، لانه لیس في شی‌ء من هذه ما یوجب تضییع المال الذي فسر به السفه ولو أقر بالنسب یقبل في غیر لوازمه المالیة کالنفقة. وأما فیها فلا یخلو من إشکال وإن کان الثبوت لا یخلو من قرب. ولو أقر بالسرقة یقبل في القطع دون المال[48].

اما فک حجره فإذا وجد فیه الرشد فک حجره، وإن لم یؤنس منه الرشد لم یفک حجره الی أن یصیر شیخا کبیرا. وبه قال الشافعی.و قال أبو حنیفة: إذا بلغ خمسا وعشرین سنة، فک حجره علی کل حال، ولو تصرف في ماله قبل بلوغ خمس وعشرین سنة صح تصرفه بالبیع والشراء والإقرار. دلیلنا: قوله تعالی «فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَیهِمْ أَمْوٰالَهُمْ» وهذا لم یؤنس منه الرشد، وقوله تعالی «وَ لٰا تُؤْتُوا السُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَکمُ» وهذا سفیه فیجب أن لا یؤتی المال[49].

اما زواجه وطلاقه فلا یصح زواج السفیه بدون إذن الوليّ أو إجازته وإن تزوج بإذنه صح النکاح. فاما طلاقه فالمحجور علیه إذا کان بالغا یقع طلاقه بلا خلاف إلا ابن أبي لیلی فإنه خالف فیه، ویجوز أیضا ظهاره وخلعه إلا أنه لا یجوز للمرأة أن تدفع العوض عن الخلع إلیه، وإن دفعت بدله إلیه وقبضه لم یصح فیه ولا تبرأ المرأة منه، وإن تلف کان من ضمانها وإنما تبرأ إذا سلمت إلی ولیه هذا في الطلاق، وأما إذا تزوج بغیر إذن ولیه فنکاحه باطل[50]،

اما امامته الجماعة فلا یؤم السفیه[51].

لو حلف السفیه أو نذر علی فعل شی‌ء أو ترکه مما لا یتعلق بماله انعقد،و لو حنث کفّر کسائر ما یوجب الکفارة. کقتل الخطأ والإفطار في شهر رمضان، وهل یتعین علیه الصوم لو تمکن منه أو یتخیر بینه وبین الکفارة المالیة کغیره؟ وجهان. أحوطهما الأول، نعم لو لم یتمکن من الصوم تعین غیره. کما إذا فعل ما یوجب الکفارة المالیة علی التعیین، کما في کفارات الإحرام کلها أو جلها[52].

 لو کان للسفیه حق القصاص جاز أن یعفو عنه بخلاف الدیة وأرش الجنایة[53]

اما اعتبار حکم الحاکم في ثبوت السفه وزواله: فهل یثبت الحجر علی السفیه بمجرد ظهور السفه، أم یتوقف علی حکم الحاکم؟ وهل یزول بزوال سفهه، أم یتوقف علی حکم الحاکم؟ أقوال: ووجه علل التوقف علی حکم الحاکم في الموضعین، أن الحجر حکم شرعي لا یثبت ولا یزول إلّا بدلیل شرعی، وأن السفه أمر خفی، والأنظار فیه یختلف، فناسب کونه   منوطا بنظر الحاکم. وهذا القول مختار المحقق في الشرائع، وهو قول الشیخ في المبسوط، وعلل القول بعدم التوقف في الموضعین بأن المقتضی للحجر هو السفه، فیجب تحققه، فإذا ارتفع زال المقتضي فیجب أن یزول، ولظاهر قوله تعالی «فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَیهِمْ أَمْوٰالَهُمْ» حیث علق الأمر بالدفع علی إیناس الرشد، فلو توقف معه علی أمر آخر لم یکن الشرط صحیحا، ومفهوم الشرط حجة عند المحققین، والمفهوم هنا ان مع عدم إیناس الرشد لا یدفع إلیهم، فدل علی أن وجود السفه وزواله کافیان في إثبات الحجر ودفعه، لان السفه والرشد متقابلان، ولظاهر قوله تعالی «فَإِنْ کٰانَ الذي عَلَیهِ الْحَقُّ سَفِیهاً» الآیة، أثبت علیه الولایة بمجرد السفه، فتوقفها علی أمر آخر یحتاج الی دلیل، والآیة الأخری تساق لرفعه کما مر.و هذا القول مختار شیخنا الشهید الثاني في المسالک، والروضة للتعلیل المذکور هنا، وهو الأقرب، لأن المفهوم من الدلیل آیة وروایة أن الحجر وعدمه دائر مدار تحقق السفه وعدمهو لا دلالة في شی‌ء منها علی حکم الحاکم لا في الحجر ولا في زواله[54]

لکن الصحیح ان السفه مطلقا لایحتاج الی حکم الحاکم إلّا اذا وقع الخلاف بین الناس فیه فالمرجع حینئذ حکم الحاکم مطلقا. وهذا ینطبق علی اصل عدم ولایة احد علی احد إلّا من ولاه الله تبارک وتعالی.

قال ابن الرشد القرطبی «و اختلف العلماء في الحجر على العقلاء الكبار إذا ظهر منهم تبذير لأموالهم، فذهب مالك والشافعي وأهل المدينة وكثير من أهل العراق إلى جواز ابتداء الحجر عليهم بحكم الحاكم، وذلك إذا ثبت عنده سفهُهم وأعذر إليهم فلم يكن عندهم مدفع، وهو رأي ابن عباس وابن الزبير. وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل العراق إلى أنّه لايُبتدأ الحجر على الكبار، وهو قول إبراهيم وابن سيرين. وهؤلاء انقسموا قسمين: فمنهم من قال: الحجر لايجوز عليهم بعد البلوغ بحال وان ظهر منهم التبذير. ومنهم من قال: إن استصحبوا التبذير من الصغر يستمرّ الحجر عليهم وإن ظهر منه رشد بعد البلوغ ثم ظهر منهم سفه، فهؤلاء لايبدأ بالحجر عليهم. وأبو حنيفة يحدّ في ارتفاع الحجر وإن ظهر سفهُه خمسة وعشرين عاماً[55].

وعمدة من أوجب على الكبار ابتداء الحجر أنّ الحجر على الصغار إنّما وجب لمعنى التبذير الذي يوجد فيهم غالباً، فوجب أن يجب الحجر علىٰ من وجد فيه المعنى وإن لم يكن صغيراً. قالوا: ولذلك اشتُرط في رفع الحجر عنهم مع ارتفاع الصغر ايناس الرشد، قال اللّٰه تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ‌(النساء:6)، فدلّ هذا على أنّ السبب المقتضي للحجر هو السفه. وعمدة الحنفية حديث حبّان بن منقذ إذ ذُكر فيه لرسول اللّٰه صلى الله عليه و سلم أنّه يُخدع في البيوع، فجعل له رسول اللّٰه صلى الله عليه و سلم الخيار ثلاثاً ولم يحجر عليه[56]. وربّما قالوا: الصغر هو المؤثر في منع التصرّف بالمال، بدليل تأثيره في إسقاط التكليف، وإنّما اعتُبر الصغر؛ لأنّه الذي يوجد فيه السفه غالباً، كما يوجد فيه نقص العقل غالباً. ولذلك جُعل البلوغُ علامة وجوب التكليف وعلامة الرشد؛ إذ كانا يوجدان فيه غالباً، أعني: العقل والرشد، وكما لم يُعتبر النادر في التكليف، أعني: أن يكون قبل البلوغ عاقلاً فيكلف. كذلك لم يُعتبر النادر في السفه، وهو أن يكون بعد البلوغ سفيهاً فيحجر عليه، كما لم يعتبر كونه قبل البلوغ رشيداً[57].

و الدلیل علیه قول الله تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾. وقوله جل ثناؤه: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾.  وقد اتفقوا على أن مال اليتيم يجب دفعه إليه إذا بلغ النكاح وأونس منه الرشد. فیحتاج الاهلیة الی البلوغ و ایناس الرشد. و الاخیر منتف بالنسبة للسفیه فینتفی اهلیته به.

2-2- في أحکام الجنون

اما تکلیف المجنون وافعاله: فانّ فساد العقل بجمیع فنونه یترتب علیه رفع قلم التکلیف الشرعي البدني والمالی، وعدم صحة الأقاریر والعقود والإیقاعات بالإجماع، والضرورة، والکتاب، والسنّة، فإنّ هذه الأمور متعلقة بالعقلاء، والفاسد من الشی‌ء لیس ذلک الشی‌ء، ففاسد العقل لیس بعاقل. وقد ورد في الأخبار المستفیضة الصحیحة: «أنّ اللّه سبحانه لما خلق العقل قال له: إیاک آمر، وإیاک أنهی، وإیاک أعاقب، وإیاک أثیب، وبک آخذ، وبک اعطی». فکل تکلیف او حق او فعل یحتاج في ثبوته الی شرط العقل فالمجنون معفو عنه. فلا یصح عباداته ومعاملاته. فلا یجب علیه الصلاة والصوم والحج والزکاة والجهاد والکفارة والفعل مثل الأذان فلا اعتبار باذان المجنون ولا بنذره ولا عقد بیعه ولا التقاطه ولا عاریته ولا شهادته ولا وصیته ولا اقراره ولا غیره من الأفعال المشروط فیه شرط العقل[58].

اما حقوق المجنون فیجب کفارة القتل في حق المجنون، وقال قوم لا یجب في حقه، والأول أقوی لعموم الآیة. وتثبت له حق الشفعة ورجوع الهبة ویتولی الأخذ لهم الوليّ مع الغبطة في الأخذ کسائر التصرفات[59]

اما الحجر علی المجنون فلا خلاف بین العلماء کافّة في الحجر علی المجنون ما دام مجنوناً، وأنّه لا ینفذ شی‌ء من تصرّفاته؛ لسلب أهلیته عن ذلک. والحدیث یدلّ علیه، وهو قوله علیه السلام: «رُفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتیٰ یبلغ، وعن المجنون حتیٰ یفیق، وعن النائم حتیٰ ینتبه» ولا خلاف في أنّ زوال الجنون مقتضٍ لزوال الحجر عن المجنون، سواء حکم به حاکمٌ أو لا، وسواء کان الجنون یعتوره دائماً أو یأخذه أدواراً نعم، ینفذ تصرّفه حال إفاقته إذا عُرف رشده، ولا ینفذ حالة جنونه بلا خلاف[60].

اما زواجه وطلاقه فالعقل شرط فیهما بلا خلاف أجده فیه بیننا، بل الإجماع بقسمیه علیه فلا یصح طلاق المجنون مطبقا أو أدوارا حال جنونه ولا السکران ولا من زال عقله بإغماء أو شرب مرقد أو نوم أو نحو ذلک لعدم القصد الذي یترتب علیه الحکم، بعد استفاضة النصوص علی أنه «لا طلاق لهم». ویثبت لکلّ من الزّوجین خیار الفسخ لو وجد الآخر مجنونا، سواء کان مطبقا أو لا، إلّا أنّ المرأة إذا تزوّجت فوجدته مجنونا، فإن کان الجنون قبل العقد، کان لها الفسخ، وإن کان یعقل أوقات الصلاة، وإن حدث بعده کان لها الفسخ إلّا أن یعقل أوقات الصلاة، فلا خیار لها، قاله بعض أصحابنا والأقرب عندی ثبوت الخیار، سواء کان دائما أو   أدوارا، عقل معها أوقات الصلاة أو لا، وسواء حدث قبل الدخول أو بعده. ولا یثبت الخیار لأحدهما مع السهو السریع زواله، ولا مع الإغماء العارض لمرض کالمرّة، فإن زال المرض وبقی الإغماء کان للآخر الفسخ[61].

 قال ابن المنذر م ٢٩٧٦ - أجمع من أحفظ عنه من علماء الأمصار على أن المجنون لا يجوز طلاقه، كذلك قال عثمان بن عفان. وقال علي بن أبي طالب: كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه. وممن قال إن طلاق المجنون لا يجوز: سعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، والحسن البصري، والشعبي، والنخعي، وقتادة، وأبو قلابة، والزهري، ويحيى الأنصاري، ومالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول. (ح ١١٣٣) وقد ثبت أن رسول الله- ﷺ قال: «رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل». م ٢٩٧٧ - وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا طلق في حال نومه أن لا طلاق له، روينا ذلك عن الشعبي، والنخعي، وأبي قلابة، والزهري[62].

اما امامة المجنون فلا یجوز الصّلاة خلف المجنون وفي المجنون دوراً قولان الأول الکراهة وقت إفاقته لجواز احتلامه حال جنونه ولئلا یعرض له الجنون في الأثناء والثاني الجواز حال افاقته[63] ولم یبعد لرفع المانع واحتیاج الکراهة الی دلیل.

اما قصاص المجنون (قاتلاً او مقتولاً) فالمعتبر في القصاص کمال العقل فلا یقتَل المجنون سواء قَتَلَ مجنونا أو عاقلاً وتثبت الدیة علی عاقلته. أما لو قتل العاقل ثم جنّ لم یسقط عنه القود. ولا یقتَل العاقلُ بالمجنون وتثبت الدیة علی القاتل إن کان عمدا أو شبیها بالعمد وعلی العاقلة إن کان خطأ محضا ولو قصد العاقل دفعه کان هدرا. وفي روایة: دیته في بیت المال. ولو کان المستحقّ للقصاص صغیرا أو مجنونا وله أب أو جدّ، قیل: لیس لأحد الإستیفاء حتّی یبلغ الصغیر أو یفیق المجنون، سواء کان في النفس أو الطرف، ویحبس القاتل حتّی یبلغ أو یفیق، لأنّه تفویت بمعنی أنّه لا یمکن تلافیه، وکلّ تصرّف هذا شأنه لا یملکه الوليّ، کالعفو عن القصاص، والطلاق، والعتق. ولو قیل: للولي الإستیفاء کان وجها.[64]

قال ابن المنذر: م ٥٠٧٢ - اختلف أهل العلم في جناية الصبي، والمجنون عمدًا أو خطأ. فمن روينا عنه أنه قال: عمد الصبي خطأ: الشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، والنخعي، وقتادة، والحسن البصري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. م ٥٠٧٣ - وقال عمر بن عبد العزيز، والشعبي: جناية المجنون على العاقلة. وقال مالك في جناية المجنون والصبي: ما كان الثلث فصاعدًا فهو على العاقلة. وقالت طائفة: عمد الصبي في ماله، وكذلك المجنون. روينا عن عبد الله بن الزبير أنه قال: جناية المجنون في ماله. وقال الشافعي: لا تحمل العاقلة عمد الصبي، وهو في ماله.قال أبو بكر: جناية المجنون على عاقلته، ومحمد الصبي في ماله، وخطؤه على عاقلة[65].

اما حد المجنون:فلو لاط مجنون بعاقل حدّ العاقل، والأصحّ في المجنون السقوط». أقول: ذهب الشیخان، وابن البرّاج، وابن حمزة، وأبو الصلاح إلی أنّ المجنون إذا لاط أقیم الحدّ علیه علی الکمال.و قال ابن إدریس: لا حدّ علیه، وهو الأصحّ عند المصنّف، لما تقدّم في الزنا من أنّ الحدّ عقوبة علی فعل محرّم، وهو منتف في حقّ المجنون، لانتفاء أصل التکلیف عنه عقلا وسمعا[66].

و لو وطأ المجنونُ عاقلة ففی وجوب الحدّ تردّد. وأوجبه الشیخان. منشأ التردّد کون المجنون مرفوع القلم، واستناد الشیخین الی ما رواه ابان بن تغلب، قال: قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام: إذا زنی المجنون أو المعتوه جلد الحد، وان کان محصنا رجم، قال: قلت: وما الفرق بین المجنون والمجنونة، والمعتوه والمعتوهة؟ فقال: المرأة إنّما تؤتی، والرجل یأتی، وانّما یأتی إذا عقل کیف یأتی اللذة. ونِعمَ ما فرّق به علیه السلام، فانّ الواطئ لا یحصل من الوطء، إلّا مع القصد، لا الموطوءة. «فإن قیل»: هو وان قصد الی ذلک لکن الحدّ عنه ساقط، لقوله علیه السلام: رفع القلم عن المجنون حتی یفیق. «قلنا»: هو معارض بعموم الآیات والأخبار المتناولة وجوب الحدّ علیه  والترجیح لها، فان ادّعوا التخصیص فیها، فکذا نحن في الخبر.و ذهب المتأخّر إلی سقوط الحدّ عنه تمسّکا بما قلناه، ویؤید قوله ما رواه الأصبغ بن نباتة، قال: اتی عمر بخمسة نفر، أخذوا في الزنا، فأمر أن یقام علیهم الحدّ، فقال علی علیه السلام: لیس هذا حکمهم، قال عمر: فأقم أنت الحدّ علیهم، فضرب واحدا عنقه، ورجم آخر، وحدّ الثالث، ونصّفه في الرابع، وعزّر الخامس، فتعجّب القوم، فقال علیه السلام: الأوّل کان ذمّیا، والثاني محصنا، والثالث غیر محصن، والرابع عبدا، والخامس مجنونا مغلوبا علی عقله. وهذا مع کونها حکایة الحال، لکن التعلیل یؤذن بالإطراد، والمشهور عدم الحد علیه حتی الجلد للأصل، بل المروي في طرق العامة والخاصة عموما وخصوصا أنه لا یثبت الحد علی المجنون وأن القلم ساقط عنه والخبر المزبور مع ضعفه قد حمله غیر واحد علی من یعتوره الجنون أدوارا وقد زنی حال عقله، بل قیل: إن التعلیل فیه یرشد إلی ذلک، وحینئذ فالأصح عدم الحد علیه، والله العالم[67].

و یمکن ان یضاف ان التکلیف وان کان ساقطاً عن المجنون ولکن لیس ساقطاً عنا. فالمجنون الزانی العاقل اللذة یجب علی العقلاء حدّه حتی یمنع من لذته الحرام. وبهذا یجمع بین روایة وجوب الحد وروایة رفع القلم. فان الجنون فنون فالمجنون الذي یعقل اللذة یحدّ والمجنون الذي لا یعقل اللذة ترک بحاله وعلی الوليّ الإعتناء به. ویمکن القول بتعزیر الوليّ اذا لم یبال بعمله صیانةً للاجتماع من الخطر.

اما الولایة علی المجنون في ماله للأب والجد للأب. فإن لم یکونا فللوصي فإن لم یکن فللحاکم[68].

المجنون الأدواری یصح اعماله في حال إفاقته فلو عرف الحاکم کماله- حینئذ- حکم علیه، وإلّا فلا[69].

قال فی کتاب الفقه : كرم الله الإنسان بالعقل وأناط به جميع التكاليف الشرعية، ورفع عن فاقده التكليف في العبادات والمعاملات، كما ربط نفوذ التصرفات بالرشد حفظا للحقوق من الضياع؛ فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ»[70].....احکام الحجر علی المجنون: ودليل الحجر على المجنون قوله تعالى: «فان کان الذی علیه الحق سفیها او ضعیفا او لا یستطیع ان یمل هو فلیملل ولیّه بالعدل» (البقرة: 281)، والمجنون ضعيف فيكون مسلوب العبارة يحجر عليه، اله القرافي[71]. وقوله صلى الله عليه وسلم: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ عَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يُفِيقَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ»[72]. وفي معنى المجنون من يخدع في البيع، وقد اختلف في الحجر عليه؛ فقيل: يحجر عليه مطلقًا، وقيل لا إن كان يَشترط في بيعه ما يدفع ذلك، وفصل اللخمي فقال: إن كان يُخدع باليسير أو الكثير إلا أنه لا يخفى عليه ذلك ويتبين ذلك الغبنُ له فلا يحجر عليه، ويؤمر بالاشتراط حين البيع ويُشهد بذلك، وإن كان لا يتبين له ذلك ويكثر نزول ذلك به أمر بالإمساك عن التجر ولم ينزع ماله منه، فإن لم يمسك عنه نزع منه[73]. ودليل عدم الحجر قوله صلى الله عليه وسلم لحبان بن منقذ وكان يخدع فيه لضربة أصابته في رأسه: «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لاَ خِلابَةَ»[74][75].

2-3- في أحکام العته

حیث ان الجنة التي هی نقصان العقل في حکم العته الذي هو فساد العقل فیشمله أحکام الجنون لما مرّ من الأدلة في رفع التکلیف عن المجنون ولما دل علی رفع القلم عن المعتوه ایضاً.

  • عَلِي بْنُ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ، عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیرٍ، عَنْ هِشَامٍ: عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ مَاتَ في الْفَتْرَةِ، وعَمَّنْ لَمْ یدْرِک الْحِنْثَ، والْمَعْتُوهِ؟ فَقَالَ: «یحْتَجُّ اللَّهُ عَلَیهِمْ، یرْفَعُ لَهُمْ نَاراً، فَیقُولُ لَهُمْ: ادْخُلُوهَا، فَمَنْ دَخَلَهَا کانَتْ عَلَیهِ بَرْداً وسَلَاماً، ومَنْ أَبی قَالَ: هَا أَنْتُمْ قَدْ أَمَرْتُکمْ فَعَصَیتُمُونِی». 

فهذه الروایة دلت علی رفع التکلیف عن المعتوه اذا لم یتمکن من التعرف بحقیقة الأمور. وبلغ الغلام الحِنث: بلغ مبلغاً جری علیه القلم في المعصیة والطاعة[76].

  • حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ یحْیی الْقُطَعِي الْبَصْرِي، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِی، عَنْ عَلِی، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وسَلَّمَ قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّی یسْتَیقِظَ، وعَنْ الصبي حَتَّی یشِبَّ، وعَنْ الْمَعْتُوهِ حَتَّی یعْقِلَ»[77].
  • قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ ابْنُ جُرَیجٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ یزِیدَ، عَنْ عَلِي رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِي صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وسَلَّمَ زَادَ فِیهِ: والْخَرِفِ[78].

و لاینعقد یمینه ولا یصح وکالته في العقود ولا وصیته[79] ولا یقبل شهادة المجنون حالة جنونه وفي حکمه الأبله والمغفّل الذي لا یتفطن لمزایا الأمور[80] المغفّل من لا فطنة له. والفطنة هی الذکاء والعلم. ولا طلاقه لتفسیر قوله تعالی غَیرِ أُولِی الْإِرْبَةِ (النور:31) بالمعتوه الذي لا یدري ما النساء ولا یریدهن، علی ما رواه أصحابنا[81]. والمعروف بین الفقهاء من الشیعة الإمامیة ان المعتوه لم یجز طلاقه إلّا باذن من ولیه وطلاقه مثل طلاق المجنون والمستند روایات منها:

  • عَلِي بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِي عَنِ السَّکونِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: کلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ أَوِ الصبي أَوْ مُبَرْسَمٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَکرُوهٍ[82].

و یجوز طلاق ولیه عنه للروایة:

  • مُحَمَّدُ بْنُ یحْیی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَینِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الرَّجُلُ الْأَحْمَقُ الذَّاهِبُ الْعَقْلِ یجُوزُ طَلَاقُ وَلِیهِ عَلَیهِ قَالَ ولِمَ لَا یطَلِّقُ هُوَ قُلْتُ لَا یؤْمَنُ إِنْ طَلَّقَ هُوَ أَنْ یقُولَ غَداً لَمْ أُطَلِّقْ أَوْ لَا یحْسِنُ أَنْ یطَلِّقَ قَالَ مَا أَرَی وَلِیهُ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ السُّلْطَان[83] ‌

 اما قصاصه وحدّه 

  • فقد روی عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: کانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ع یجْعَلُ جِنَایةَ الْمَعْتُوهِ عَلَی عَاقِلَتِهِ خَطَأً أَوْ عَمْداً[84].

اما تجارة الوليّ عنه فیجوز لولي الیتیم والمعتوه التجارة في ماله نظرا له، فان ربح فله وان وضع فعلیه، ویشتري له ویبیع من ماله، ماله فیه الحظ. ویتفق علیه بالمعروف، فان زاد ضمن الزیادة. وان أقرض ماله لمصلحته اشهد وارتهن ما یفي بالقیمة أو أکثر منها[85].

و اما في الجهاد فمن یستولی علیه من البالغین الذکور لا یجوز قتل المجنون منهم، والمعتوه، والشیخ الفانی، والمُقعد، والأعمی، وکلّ من لا قابلیة له في الحرب[86].

فحینئذ لایصح تصرفاته المالیة کالبیع والإجارة والهبة والودیعة. ولا یصح منه وصیة ولا نکاحاً ولا طلاقاً ولا اقرارا ولا امامة ولا حلفاً ولا نذراً. وجنایته علی عاقلته اما عباداته فلا یجب علیه الجهاد لأنه یحتاج إلی مهارات جسدیة وعقلیة لم یستطیع امتلاکها. ولکن یمکن ان یقال بصحة صومه وصلاته اذا امکنه رعایة الشروط من القبلة والطهارة والعدد والوقت ولو بواسطة. ولا یجب علی المصاحب توجیهه. ویمکن القول برفع قلم التکلیف عنه اذا لم یتمکن من الشروط باستقلال خصوصاً اذا لم یتنبه بالوجوب.

و یجوز لولیه التجارة في ماله نظرا له، فان ربح فله وان وضع فعلیه، ویشتري له ویبیع من ماله، ماله فیه الحظ. ویتفق علیه بالمعروف، فان زاد ضمن الزیادة. وان أقرض ماله لمصلحته اشهد وارتهن ما یفي بالقیمة أو أکثر منها. وان اقترضه الوليّ وکان له ما یقضی لو تلف وفیه مصلحة له جاز، وان لم یکن له ما یقضی أو لم یکن ولیا فالربح له، والخسران علیهما.

و قد ذکرنا بعض احکام المعتوه عند ذکر الجنون.

ا. بیان الأمراض النفسية المؤثرة وغیر المؤثرة علی الأهلیة

ب. الأمراض النفسية المفقدة للاهلیة 

ج. الأمراض النفسية المنقصة للاهلیة

و نحن نبحث عن هذه المسائل الثلاثة في ضمن کل مرض: وبحسب خصائص کل مرض من هذه الأمراض نحدد أی منها هو الجنون، أو السفه، أو العته:

الأول: الفصام (Schizophrenia): 

و لا شک ان خصائص الذهان والأوهام والهلوسة توجب صدق عنوان الجنون علیه عرفاً. لفقدان الإتصال بالواقع بسبب إضطراب أفکاره وتصوراته، ولمواجهته صعوبةً في فهم ما هو حقیقي وما هو غیر حقیقي. فالفصام مفقدة للاهلیة. فتنطبق علیه أحکام الجنون حسب ما قلناه سابقاً.

الثاني: الإضطراب ثنائي القطب (Bipolar disorder) 

اذا کان الهوس شدیداً بحیث یسبب نشاطا شدیدا لا یمکن السیطرة علیه وأفکارا مشوشة وأوهام غریبة وهلاوس فهذا علامة الجنون عند العقلاء فینطبق علیه ما قلناه في أحکام الفصام. فالنوع الأول من الإضطراب ثنائي القطب ینطبق علیه الجنون اذا تحقق نوبته الهوس. ولکن اذا کان اثره الإکتئاب المنخفض فقط لایمکن صدق الجنون علیه. وحیث ان الإکتئاب یوجب الإنفعال وعدم الفعل فلا یتحقق من فعل یؤثر في الإجتماع غالباً ولیس لدیه نشاط اجتماعي ولا یستمتع بعمله غالباً. فالظاهر ان الجنون لا ینطبق علی مثل هذا الشخص. وبین الحدین اقسام من الأمراض لابد من اختبارهم. وقد ینطبق عنوان المعتوه علی بعض حالاته فیترتب علیه أحکامه علی ما قلنا.

و الإضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني وإضطراب دورویة المزاج لا ینطبق علیهما الجنون ولا السفه ولا العته. 

الثالث: الخرف (dementia)

وهذا المرض لا یسبب الجنون، ولکن حسب شدته فإنه یسبب بعض الإعاقات الفکریة والعملیة. ولذلک لا ینطبق علیه لقب جنون، ولا ینطبق علیه لقب العته أیضا. ولکن لما في هذا المرض، من صعوبة بعض الأنشطة العقلیة مثل الحسابات والإستدلال، فیمکننا القول أن لقب السفه ینطبق علیه. لان المریض لاتقدر علی تذکر الأحداث والمحادثات الأخیرة ولایمکنه تعلم المعلومات الجدیدة وتطبیقها وتنسیق المهام المتعددة. والمعروف في هذا المرض باقسامه الأربعة عدم القدرة علی إدارة الشؤون المالیة والأدویة، وارتداء الملابس المناسبة، والحفاظ علی النظافة. فاذن هو ممنوع من کل تصرفاته المالیة التي یحتاج الی الذاکرة والحکم إلّا المعاملات الصغیرة مثل شراء الخبز اذا لم یکن إضطراب الجهاز العصبي شدیداً بحیث لا یتحمله ایضاً. فیشلمه قوله تعالی « ولا تؤتوا السفهاء اموالکم التي جعل الله لکم قیاماً» والمراد من اموالکم اموالهم التي في ایدیکم ای ایدی الأولیاء». 

والمعیار لانطباق عنوان السفیه علی هذا المریض هو عدم قدرته علی إجراء الحسابات اللازمة لمعاملاته. فاذن معاملاته من البیع والإجارة والهبة ونحوها لم یصح إلّا من بعد اجازة الوليّ او الوصی. لکن لابد ان یعرف ان فقدان الذاکرة بنفسه غیر مانع لمعاملاته اذا امکنه التصرف الوجیه في امواله. ومن طرف آخر إذا تلفت أنسجة المخ إلی درجة أصابته بالنسیان الشدید بحیث لا یتمکن من إجراء الحسابات اللازمة للمعاملات العقلانیة، فینطبق علیه أحکام السفه. ویصدق علیه اسم السفیه. واذا لم یتمکن من اداء النطق علی طریقة العقلاء فتنطبق علیه أحکام المعتوه.

الرابع إضطراب القلق (Clinical depression)

والخامس الإکتئاب السریري (Anxiety disorder)

والسادس إضطراب الوسواس القهري (Obsessive compulsive disorder)

والسابع إضطراب نقص الإنتباه أو فرط النشاط (Attention-deficit or hyperactivity disorder)

والثامن إضطراب ما بعد الصدمة (Post-traumatic stress disorder)

غالباً ما لاینطبق علی هذه الألقاب، الجنون والعته والسفه. فلا حکم شرعي یختص بهذه الأمراض. ولانها غالباً ما تؤدي الی عدم العمل. والعدم عدیم الحکم. و فرط النشاط ایضاً لا یوجب غالباً الی انطباق الجنون و العته و السفه.

 

رابعاً: اعداد مشروع قرار وتوصیات للموضوع المکتسب في نهایة البحث

أولاً: هناك أمراض نفسية كثيرة وما يتعلق ببحثنا هي أمراض تؤثر على الأهلیة من وجهة نظر الفقه، لذلك لا نبحث عن جميع الأمراض النفسية.

ثانیاً: من الأمراض النفسية ما هی مفقدة للأهلیة، لصدق عنوان الجنون علیه کالفصام والنوع الأول من الإضطراب ثنائي القطب اذا تحقق نوبته الهوس، بخلاف ما اذا کان اثره الإکتئاب المنخفض فقط. وبین الحالتین مراتب مختلفة وقد ینطبق  علی بعض المراتب بینهما، المعتوه عرفاً فیجري علیه أحکامه في الأهلیة.

ثالثاً: الإضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني وإضطراب دورویة المزاج لا ینطبق علیهما الجنون ولا السفه ولا العته. فلا یسببان فقدان الأهلیة.

رابعاً: إذا أدى الخرف والزهایمر إلى عدم قدرته على إجراء الحسابات العددية اللازمة لمعاملاته فتنطبق علیه أحکام السفیه من عدم أهلیته للمعاملات. واذا لم یتمکن من اداء النطق علی طریقة العقلاء فتنطبق علیه أحکام المعتوه في الأهلیة.

خامساً: إضطراب القلق والإکتئاب السریري وإضطراب الوسواس القهري غالباً ما لاینطبق علی هذه الثلاثة القاب الجنون والعته والسفاهة فلا حکم شرعي یختص بهذه الأمراض. ولانه غالباً ما یؤدي الی عدم العمل. والعدم عدیم الحکم. فلا تؤثر في الأهلیة.

 

مراجع:

‫آبی، حسن بن ابیطالب، کشف الرموز في شرح المختصر النافع، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1408.

‫ابن درید، محمد بن حسن، جمهرة اللغة، بیروت، دار العلم للملايين، 1988.

‫ابن فارس، احمد، معجم مقاییس اللغة، دار إحیاء الکتب العربیة: مکتب الإعلام الإسلامي. مرکز النشر، بی‌تا.

‫ابن‌بابویه، محمد بن علی، کتاب من لا يحضره الفقيه، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1363.

‫ابن‌سعید، یحیی بن احمد، الجامع للشرائع، قم، موسسه سيد الشهداء (ع) ، 1405.

‫ابو الصلاح حلبی، تقی بن نجم، الکافي في الفقه، اصفهان، کتابخانه عمومی امام اميرالمومنين علی (عليه السلام)، 1403.

‫ابوداود، سلیمان‌بن‌اشعث، ‏سنن أبي داود، کتابخانه احادیث فریقین، مصر، قاهره، دار الحدیث، 1420.

‫اعرجی، عبد المطلب بن محمد، کنز الفوائد في حل مشکلات القواعد، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1416.

‫الأزهری، محمد بن احمد، تهذیب اللغة، 15 ج، بیروت، دار إحياء التراث العربي، 1421.

‫الخمیني الإمام، روح الله، تحریر الوسیله، قم، دار العلم، 1379.

‫بحرانی، یوسف بن احمد، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1363.

‫بستانی، فواد افرام، فرهنگ ابجدی، ترجمه‌ی رضا مهیار، قاموس النور 2، تهران، اسلامی، ۱۳۷۵.

‫بیهقي نیشابوري کیدري، محمد بن حسین، إصباح الشیعة بمصباح الشریعة، قم، مؤسسة الإمام الصادق (علیه السلام) ، 1416.

‫ترمذی، محمد بن عیسی، ‏الجامع الصحیح و هو سنن الترمذي، کتابخانه احادیث فریقین، مصر، قاهره، دار الحدیث، 1419.

‫تهانوی، محمد اعلی بن علی، موسوعة کشاف إصطلاحات الفنون و العلوم، ویراسته‌ی رفیق عجم. ترجمه‌ی عبد الله خالدی و جورج زیناتی، قاموس النور 2، مکتبة لبنان ناشرون، 1996.

‫جوهری، اسماعیل بن حماد، الصحاح (للجوهري) ، 6 ج، بیروت، دار العلم للملايين، 1376.

حمود غزال، عبدالکریم ظلاّم، المدخل إلی علم القانون، مدیریة الکتب والمطبوعات الجامعیة، منشورات جامعة حلب، 2008.

‫خلیل بن احمد، العین، قم، نشر هجرت، 1409.

‫زمخشری، محمود بن عمر، مقدمة الأدب، قاموس النور 2، موسسه مطالعات اسلامی دانشگاه تهران - دانشگاه مک گیل، بی‌تا.

‫سلار دیلمی، حمزه بن عبد العزیز، المراسم في الفقه الإمامي، قم، منشورات الحرمين، 1404.

‫شهید اول، محمد بن مکی، اللمعة الدمشقیة في فقه الإمامیة، بیروت، دار التراث، 1410.

‫شهید ثانی، زین‌الدین بن علی، الروضة البهیة في شرح اللمعة الدمشقیة (10 جلدی)، قم، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1410.

‫———، مسالک الأفهام إلی تنقیح شرائع الإسلام، قم، مؤسسة المعارف الإسلامیة، 1413.

‫صاحب جواهر، محمدحسن بن باقر، جواهر الکلام (ط. القدیمة)، بیروت، دار إحياء التراث العربي، 1404.

‫طباطبایی کربلایی، علی بن محمد علی، ریاض المسائل (ط. القدیمة)، قم، موسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث، 1404.

‫طوسی، محمد بن حسن، المبسوط في فقه الإمامیة، محمدباقر بهبودی و محمدتقی کشفی، تهران، مکتبة المرتضوية، 1387.

‫———، الخلاف، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1407.

‫عسکری، حسن بن عبد الله، الفروق في اللغة، قاموس النور 2، دار الآفاق الجديدة، بی‌تا.

‫علامه حلی، حسن بن یوسف، إرشاد الأذهان إلی أحکام الإیمان، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1410.

‫———، قواعد الأحکام، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1413.

‫———، نهایة الأحکام في معرفة الأحکام، مهدی رجایی، قم، مؤسسه آل البيت عليهم السلام‌، 1419.

‫———، تحریر الأحکام، قم - ایران، مؤسسه امام صادق عليه السلام‌، 1420.

‫فاضل مقداد، مقداد بن عبدالله، التنقیح الرائع لمختصر الشرائع، قم، مکتبة آیة الله العظمی المرعشي النجفي (ره) ، 1404.

‫فاضل هندی، محمد بن حسن، کشف اللثام عن قواعد الأحکام، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1416.

‫کلینی، محمد بن یعقوب، الکافي (اسلامیه)، کتابخانه احادیث فریقین، دار الکتب الإسلامیة، بی‌تا.

‫محقق حلی، جعفر بن حسن، المعتبر في شرح المختصر، قم، موسسه سيد الشهداء (ع) ، 1364.

‫———، شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام، قم، اسماعيليان، 1408.

‫محقق سبزواری، محمدباقر بن محمدمومن، کفایة الفقه المشتهر بکفایة الأحکام، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1381.

‫مفید، محمد بن محمد، المقنعة، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1410.

‫نراقی، احمد بن محمدمهدی، عوائد الأیام، قم، دفتر تبليغات اسلامی حوزه علميه قم، مرکز انتشارات، 1375.

Preda, Adrian. “What Are Bipolar Disorders?” American Psychiatric Association, April 2024. https://www.psychiatry.org/patients-families/bipolar-disorders/what-are-bipolar-disorders.

Ratnakaran, Badr. “What Are Dementia and Alzheimer’s Disease?” American Psychiatric Association, April 2023. https://www.psychiatry.org/patients-families/alzheimers/what-is-alzheimers-disease.

Torres, Felix. “What Is Schizophrenia.” American Psychiatric Association, 2024. https://www.psychiatry.org/patients-families/schizophrenia/what-is-schizophrenia.


[1] - المبسوط 2/281

[2] - المبسوط 2/285-286

[3] - کشف الرموز 2/316؛ شرائع الإسلام 3/120

[4] - شرائع الإسلام 3/235

[5] - کشف الرموز 2/414

[6] - شرائع الإسلام 2/86

[7] - شرائع الإسلام 3/61

[8] - شرائع الإسلام 3/126

[9] - شرائع الإسلام 4/126

[10] - شرائع الإسلام 4/225

[11] - المعتبر 2/696-697

[12] - ارشاد الأذهان 1/458

[13] - المدخل الی علم القانون، ص 19

[14] - ماده:190 القانون المدنی الإیرانیة

[15] -‏ Torres, 2024

[16]https://www.psychiatry.org/Patients-Families/Alzheimers

[17]- Neurodevelopmental disorder

[18]- Personality disorder

[19] - العین 1/104؛ التهذیب 1/100؛ الصحاح 6/2239

[20] - موسوعة کشاف اصطلاحات الفنون والعلوم 1/958

[21] - المقاییس 3/79

[22] - التهذیب اللغة 6/81؛ مقدمة الأدب 165

[23] - العین 4/9؛ا لصحاح 6/2234

[24] - الجمهرة 2/849؛ الفروق 198

[25] - الکافي 1/21

[26] - کشاف اصطلاحات الفنون 1/958

[27] - تحریر الوسیلة 2/15

[28] - تحریر الوسیلة 2/ 17

[29] - تحریر الأحکام 3/352

[30] - المقاییس 1/421-422

[31] - مقدمة الأدب 189

[32] - عوائد الأیام ص 514

[33] - المسالک 1: 524؛ الروضة البهیة 5: 385

[34] - ریاض المسائل 2: 134

[35] - التنقیح 3: 179

[36] - کشف اللثام 7/359‌

[37] - عوائد الأیام ص 518

[38] - جمهرة 1/403

[39] - تهذیب اللغة 1/100

[40] -  الصحاح 6/2239؛ مهذب الأحکام 26/7

[41] - فرهنگ ابجدي 837

[42] - المبسوط 2/281؛ الکافي في الفقه 434؛ شرائع الإسلام 2/84 و86؛ تحریر الأحکام 1/218؛ قواعد الأحکام 2/137؛ تحریر الوسیلة 1/15

[43] - شرائع الإسلام 2/86؛ تحریر الوسیلة 2/16

[44] - شرائع الإسلام 2/87؛ اللمعة الدمشقیة ص 133؛ تحریر الوسیلة 2/15

[45] - عوائد الأیام ص 519)

[46] - تحریر الوسیلة 2/15؛ شرائع الإسلام 2/87 ؛ اللمعة الدمشقیة ص 133؛ الحدائق 20/358-359؛ تحریر الوسیلة 1/17

[47] - المقنعة: 668؛ المراسم: 203

[48] - الحدائق 20/359؛ تحریر الوسیلة 2/15

[49] - الخلاف 3/285

[50] - المبسوط 2/286؛ قواعد الأحکام 2/137؛ شرائع الإسلام 2/86؛ الحدائق 20/359؛ تحریر الوسیلة 1/16

[51] - المبسوط 1/152

[52] - تحریر الوسیلة 2/15؛ اللمعة الدمشقیة ص 134

[53] - اللمعة الدمشقیة ص 134؛ تحریر الوسیلة 1/16

[54] - الحدائق 20/359-360؛ تحریر الوسیلة 2/15

[55] - ابن رشد 5: 378؛ الهدایة للمرغینانی 2: 279-281

[56] - الموطأ 4/988

[57] - ابن رشد 5: 379-380؛ الاشراف لابن المنذر 6: 236-23

[58] - شرائع الإسلام3/119؛ قواعد الأحکام 1/264 و1/409 و2/17؛ عوائد الأیام ص 518

[59] - المبسوط 7/24؛ اللمعة الدمشقیة 2/24

[60] - تذکرة الفقهاء 14/201

[61] - جواهر الکلام 32/8-9؛ تحریر الأحکام 3/352-353

[62] - الاشراف لابن المنذر 5/ 224-225

[63] - نهایة الأحکام 2/139؛ تحریر الأحکام 1/53؛ کفایة الفقه 1/102 و1/138

[64] - شرائع الإسلام 4/200؛ قواعد الأحکام 3/623

[65] - الاشراف لابن المنذر 7/ 444-445

[66] - کنز الفوائد 3/605

[67] - کشف الرموز 2/539-541؛ جواهر الکلام 41/322-323

[68] - شرائع الإسلام 2/87؛ اللمعة الدمشقیة ص 133

[69] - قواعد الأحکام 3/522؛جواهر الکلام 35/104

[70] -نقله من مسند الإمام أحمد مسند عائشة

[71] -الذخيرة 7 /85

[72] - نقله من السنن الكبرى للبيهقي كتاب الإقرار باب من لا يجوز إقراره

[73] - نقله من شرح الزرقاني على مختصر خليل 5 /512 بتصرف

[74] - نقله من صحيح البخاري كتاب البيوع باب ما يكره من الخداع في البيع

[75] - الفقه من مختصر الشیخ خلیل، احکام الحجر علی المجنون

[76] - العین 3/206

[77] - السنن للترمذي 8/637 ح 1423

[78] - سنن ابي داوود 4/1883

[79] - مفتاح الکرامة 23/84

[80] - اللمعة الدمشقیة 3/126-127

[81] - اصباح الشیعة، ص 395

[82] - الکافي 6/126

[83] - الکافي 6/125

[84] - کتاب من لایحضر الفقیه 4/141

[85] - الجامع للشرائع 281-282

[86] - کشف الغطاء 4/377

کلمات کلیدی